فصل: ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي جَمَاعَة:

.ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمَرْأَةِ النِّسَاءَ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ:

2074- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ، رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ أُمَّهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ، وَكَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ فِي دَارِهَا، وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ.
2075- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، عَنْ حُجَيْرَةَ بِنْتِ الْحُصَيْنِ، قَالَتْ: أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ بَيْنَنَا.
2076- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ، عَنْ رَيْطَةَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَمَّتْهُنَّ وَقَامَتْ بَيْنَهُنَّ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ.
2077- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَسْبَاطٍ، قَالَ: ثنا بَكْرٌ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَكَانَ، عِنْدَهَا نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَّتْهُنَّ وَسَطَ الصَّفِّ، وَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ، هَذَا قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ الْمَرْأَةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا، وَكَرِهَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَتْ تُجْزِيهِمْ وَتَقُومُ وَسَطًا مِنَ الصَّفِّ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي الْفَرِيضَةِ، وَتَؤُمُّهُمْ فِي التَّطَوُّعِ، وَتَقُومُ فِي الصَّفِّ لَا تَقْدُمُهُنَّ، وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتَقُومَ مَعَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ.

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ:

2078- حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ ثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ».

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمَسَاجِدِ تَفِلَاتٍ:

2079- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عْنِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ الْمَسَاجِدَ، لِيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ». وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَوْلُهُ: تَفِلَاتٍ التَّفِلَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُتَطَيِّبَةٍ، وَهِيَ الْمُنْتِنَةُ الرِّيحِ، يُقَالُ مِنْهُ تَفِلَةٌ وَمِتْفَالٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: بحر الطويل:
إِذَا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّهَا مِنْ ثِيَابِهَا ** تَمِيلُ عَلَيْهِ هَوْنَةً غَيْرَ مِتْفَالِ

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ شُهُودِ الْمَرْأَةِ الْمَسْجِدَ مُتَعَطِّرَةً:

2080- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا».

.ذِكْرُ اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِهَا:

2081- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، فَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى وَجْهِ اللهِ وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا».
2082- حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا».

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ تَسْلِيمٍ مِنَ الصَّلَاةِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُسَلَّمَ عَلَى الْإِمَامِ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
2083- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْقَارِئُ.
2084- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ يَزِيدُ: يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
2085- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَانَ فِي النَّاسِ رَدَّ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ، إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ.
2086- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَحْيَى، يُحَدِّثُ عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ: السَّلَامُ عَلَى رَسُول اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَسُئِلَ عَنِ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَمَا أَعْرِفُ فِيهِ حَدِيثًا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَكَانَ هُوَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى يَمِينِكَ سَلَّمْتَ عَلَى يَمِينِكَ، وَنَوَيْتَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِكَ بَدَأْتَ فَسَلَّمْتَ عَلَى يَمِينِكَ ثُمَّ سَلَّمْتَ عَنْ يَسَارِكِ وَنَوَيْتَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكَ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: صَلِّ مَعَهُمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: لَا تَضُرُّ الْمُؤْمِنَ صَلَاتُهُ خَلْفَ الْمُنَافِقِ، وَلَا تَنْفَعُ الْمُنَافِقَ صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ خَلْفَهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي صَاحِبِ الْبِدْعَةِ: صَلِّ خَلْفَهُ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ صَاغِرًا هَدْيًا.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَمَنْ صَلَّى مِنْ مُسْلِمٍ بَالِغٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْمُودِ الْحَالِ فِي دِينِهِ، أَيْ حَالُهُ بَلَغَ يُخَالِفُ الْجَهْرَ فِي الدِّينِ، وَقَدْ صَلَّى أَصْحَابُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ مَنْ لَا يَجْهَرُونَ حَالَهُ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَأَمَرَ بَعْضُهُمْ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُمْ بِالْإِعَادَةِ، كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: فِي الرَّجُلِ يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ: لَا تُقَدِّمُوهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجَهْمِيِّ يُصَلَّى خَلْفَهُ: يُعِيدُ، وَالْقَدَرِيُّ إِذَا كَانَ يَرُدُّ الْأَحَادِيثَ وَيُخَاصِمُ فَلْيُعِدْ، وَالرَّافِضِيُّ يُصَلِّي خَلْفَهُ يُعِيدُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً إِلَى هَوَاهُ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَيُصَلَّى خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ.

.ذِكْرُ إِثْبَاتِ إِمَامَةِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ:

2087- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ: جَاءَنِي أَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: وَرَاءَكَ، رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَكَذَاكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: نَعَمْ رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ وَحَضَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ دَارَ أَبِي مُوسَى، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ، وَحَضَرَ ابْنُ عُمَرَ مَسْجِدَ مَوْلًى فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي، فَصَلَّى الْمَوْلَى.
2088- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ أَطْلُبُهُ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ، وَحُذَيْفَةُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِحُذَيْفَةَ: أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلَامِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِي وَاللهِ لَقَدْ قُلْتُ ذَاكَ، كَرِهْتُ أَنْ يُقَالَ: قَرَأَهُ فُلَانٌ وَقَرَأَهُ فُلَانٌ، كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ.
2089- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ بِطَائِفَةِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَلِعَبْدِ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَسْجِدِ أَرْضٌ يَعْمَلُهَا، وَإِمَامُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَوْلًى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي، فَصَلَّى الْمَوْلَى وَقَالَ عَطَاءٌ: صَاحِبُ الرَّبْعِ يَؤُمُّ مَنْ جَاءَهُ، قُلْتُ لَهُ: مَا الرَّبْعُ؟ قَالَ: الْمَنْزِلُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

.ذِكْرُ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْإِمَامِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَأْمُومِ يُصَلِّي أَمَامَ الْإِمَامِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ مِنَ الزِّحَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ أَمَامَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إِذَا ضَاقَ الزِّحَامُ فِي الْجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِي الْمَأْمُومَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَ إِمَامِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بِمِصْرَ.

.ذِكْرُ التَّكْبِيرِ قَبْلَ إِمَامِهِ:

ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرَ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ مَنْ وَرَاءَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ تَكْبِيرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَمْ يَقُولُوا: يَخْرُجُ لَمَّا كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ لِمَا دَخَلَ فِيهِ بِتَسْلِيمٍ أَوْ كَلَامٍ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يُجْزِيهِ تَكْبِيرُهُ حَتَّى يَقْطَعَ بِسَلَامٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ أَعَادَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

.ذِكْرُ انْتِظَارِ الْإِمَامِ وَهُوَ رَاكِعٌ إِذَا سَمِعَ وَقْعَ النِّعَالِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ يَسْمَعُ حِسَّ أَقْدَامِ النَّاسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يُدْرِكُوهُ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ، هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يَنْتَظِرَهُمْ، وَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ إِلَّا خَالِصَةً لِلَّهِ، وَلَا يُرِيدُ بِالْمُقَامِ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هُوَ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالنُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَنْتَظِرُهُمْ يَرْكَعُ كَمَا كَانَ يَرْكَعُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بِحَبْسِ الْإِمَامِ مَنْ سَبَقَ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ مَعْنًى، وَرُبَّمَا اتَّصَلَ مَجِيءُ النَّاسِ.